التخطي إلى المحتوى الرئيسي

وثائق الاستخبارات الأمريكية و معجزة اليابان الاقتصادية

 



 

 في الثاني عشر من فبراير من عام 1994 اتجهت أنظار العالم نحو البيت الأبيض حيث تنعقد القمة الثنائية بين الرئيس الأمريكي السابق "بيل كلينتون" ورئيس الوزراء الياباني الأسبق "موريهيرو هوسوكاوا"، وهي القمة التي جاءت كمحاولة أخيرة وحاسمة من الجانبين لتجنب الدخول في حرب تجارية.


وبعد مفاوضات استمرت لساعات خرج الرجلان ليقفا إلى جانب بعضهما في حديقة البيت الأبيض أمام الصحفيين قبل أن يبدأ "كلينتون" الحديث بكلمات بدت صادمة للجميع. قال "كلينتون" بغضب: "لقد كان بإمكاننا اليوم إخفاء خلافاتنا باتفاقات تجميلية، ولكن القضايا العالقة بيننا مهمة للغاية بالنسبة لدولنا ولبقية العالم. ولذلك أفضل عدم التوصل إلى اتفاق على التوصل إلى اتفاق فارغ".

 


كان "كلينتون" يحاول إقناع اليابان بفتح أسواقها أمام المنتجات الأمريكية وبالأخص السيارات وذلك بغرض تقليل حجم العجز التجاري بين البلدين البالغ في ذلك الوقت نحو 60 مليار دولار لصالح اليابان، وهو ما رفضه اليابانيون بشدة على الرغم من حقيقة أن السوق الأمريكي في المقابل كان مفتوحاً أمام شركاتهم.

 


سر غضب "كلينتون" وأعضاء إدارته في ذلك الوقت هو رفض اليابانيين رد الجميل للولايات المتحدة! ولكن هل كان للأمريكيين فعلاً جميل في رقاب اليابانيين؟ وما هو هذا الجميل؟

 


حين نتحدث عن العلاقات الأمريكية اليابانية فأول ما يتبادر إلى الذهن هو الهجوم النووي الذي شنته الولايات المتحدة على مدينتي هيروشيما وناجازاكي بسبب رفض اليابان تنفيذ إعلان مؤتمر بوتسدام الذي كان ينص على أن تستسلم اليابان استسلاما كاملا غير مشروط.


ولذلك حين يأتي "كلينتون" ويتحدث عن جميل يرفض اليابانيون رده فقد يصبح ذلك مثاراً للسخرية من جانب البعض. ولكن ما لا ندركه جميعاً تقريباً هو أنه لولا وجود الأمريكيين لما حققت اليابان معجزتها الاقتصادية التي تتفاخر بها أمام الجميع. فبدون مبالغة كانت الولايات المتحدة أحد الأسباب الرئيسية وراء القفزة التي حققها الاقتصاد الياباني بعد نهاية الحرب وحتى مطلع الثمانينيات.

 


وهذا ما تكشفه لنا وثائق الاستخبارات الأمريكية التي رفع عنها السرية في عام 1993، والتي تكشف لنا كواليس كثيرة من شأنها تغيير نظرتنا لطبيعة العلاقة بين الأمريكيين واليابانيين وكذلك طريقة تعاطينا مع التجربة الاقتصادية اليابانية.

 


خوفاً من الشيوعية

 


"يجب تسهيل دخول البضائع اليابانية إلى الولايات المتحدة" .. وردت العبارة السابقة في وثيقة سرية رفعها مجلس الأمن القومي الأمريكي إلى الرئيس السابق "هنري ترومان" في عام 1953، أي بعد نحو 7 سنوات من استسلام اليابان للحلفاء في الحرب العالمية الثانية.

 


وكان من ضمن التوصيات التي تضمنتها هذه الوثيقة، توصية بقيام الولايات المتحدة بالاستعانة باليابان كمصدر تجاري لجزء من الإمدادات التي تحتاجها القوات المسلحة الأمريكية، وكذلك استخدام البضائع اليابانية في إطار برامج المساعدات الأمريكية للبلدان الأخرى.

 


على خطى "ترومان" سارت إدارة الرئيس الأمريكي السابق "دوايت أيزنهاور" واستمرت في دعم الصادرات اليابانية إلى السوق الأمريكي. وفي وثيقة صادرة عن مجلس الأمن القومي في عام 1953 أشار المجلس إلى أن "فتح الأسواق الأمريكية أمام البضائع اليابانية ضروري لوقف التدهور الاقتصادي وتراجع مستويات المعيشة في اليابان، وهما العاملان اللذان يخلقان أرضاً خصبة للتخريب الشيوعي".


بعد ذلك التاريخ بعام واحد، وتحديداً في عام 1954 أخبر وزير الخارجية الأمريكي "جون فوستر دالاس" الرئيس "أيزنهاور" ومجلس وزرائه أن الولايات المتحدة "يجب أن تتفاوض على اتفاقات تجارة دولية تعطي ميزة لليابان على غيرها" في محاولة لمواجهة الجهود الشيوعية الرامية لجذب طوكيو ناحيتها، وذلك وفقاً لما ورد بمحضر اجتماع سري عقده مجلس الوزراء الأمريكي في ذلك الوقت.

 


في وقت لاحق من نفس العام، نصحت سفارة الولايات المتحدة بطوكيو الحكومة اليابانية بتقليل وارداتها من سلع الاستهلاكية والتركيز بدلاً من ذلك على استيراد السلع التي يمكن استخدامها كمدخلات لإنتاج سلع أخرى تبيعها اليابان لاحقاً إلى الأسواق الأجنبية.

 


على حساب الشركات الأمريكية

 


كجزء من الجهود المبذولة لإعادة بناء الاقتصاد الياباني وضمان بقاء طوكيو حليفاً وعدم الارتماء في أحضان الشيوعية التي كانت تتوسع بسرعة في أرجاء آسيا ساعد المسؤولون الأمريكيون نظراءهم اليابانيين على تدشين مجموعة من السياسات الاقتصادية الحمائية التي تعطي ميزة للمنتج الياباني أمام الأجنبي.

 


وصل الأمر إلى حد أن الجهات التنظيمية الأمريكية كانت تنحاز بشكل دائم تقريباً إلى الشركات اليابانية أثناء نظرها في الشكاوى المقدمة من الشركات الأمريكية ضد نظيرتها اليابانية، بالإضافة إلى فشل واشنطن في إجبار طوكيو على السماح للشركات الأمريكية بالاستثمار بالسوق الياباني.

 


ليس هذا فقط، ففي أثناء الحرب الكورية التي اشتركت فيها الولايات المتحدة إلى جانب كوريا الجنوبية في مواجهة جارتها الشمالية والصين منحت واشنطن عقود تموين وإمداد قواتها العسكرية لصالح الشركات اليابانية.


هذا طبعاً إلى جانب معونات سنوية تقدر بنحو 750 مليون دولار كانت تصل طوكيو من الجانب الأمريكي. ولكن لعل أبرز خدمة قدمتها الولايات المتحدة لليابان في تلك الفترة هي قيام واشنطن بحث البنك الدولي على الموافقة على قروض إعادة الإعمار التي حصلت عليها طوكيو، وذلك على الرغم من اعتقاد مسؤولي البنك الدولي بأن اليابان لم يكن لديها الجدارة الائتمانية الكافية في ذلك الوقت.

 


ومن المفارقات الظريفة هي أن أبرز المخاوف الأمريكية في ذلك الوقت الاعتقاد بأن المنتجات اليابانية لن تكون جيدة بما يكفي للمنافسة في الأسواق العالمية.

 


وهذا ما أشار إليه وزير الخارجية الأمريكي "فوستر دالاس" في اجتماعه مع مجلس الأمن القومي في 12 سبتمبر 1954 بعد عودته من رحلة إلى طوكيو قال إنه نصح خلالها رئيس الوزراء الياباني "يوشيدا شيجه-رو" بتوجيه منتجاتهم إلى أسواق شرق آسيا بدلاً من الولايات المتحدة، وذلك على اعتبار أنها ليست جيدة بما يكفي للمنافسة في السوق الأمريكي.

 


نكران للجميل؟

 


الرئيس "أيزنهاور" الذي كان يشعر بالقلق الشديد من احتمال وقوع اليابان المعدمة اقتصادياً فريسة للشيوعية لم يعبأ بكلام وزير خارجيته، وطلب بشكل شخصي من المصنعين الأمريكيين شراء المنتجات اليابانية حتى لو كانت دون معايير الجودة في الولايات المتحدة.

 


وأثناء حضوره عشاء عقد على هامش إحدى حفلات جمع التبرعات للانتخابات الرئاسية في عام 1957 بشيكاغو، قال "أيزنهاور" لـ"روبرت جالفين" الرئيس السابق لشركة "موتورولا": "يتعين على شركات مثل شركتك أن تتعامل مع اليابان، لأن هذا البلد يجب أن يصبح سليمًا اقتصادياً."


خلال ما تبقى من خمسينيات القرن العشرين وطوال الستينيات عمل "جالفن" بنصيحة "أيزنهاور" وحرص على أن تقوم "موتورولا" بالاستعانة بخدمات الموردين اليابانيين، بل وذهبت شركته إلى أبعد من ذلك، حيث قامت بتعليم اليابانيين كيفية إنتاج الأجزاء والقطع الإلكترونية مثل المقاومات والصمامات المفرغة بجودة عالية تطابق المواصفات الأمريكية.

 


رغم كل هذه المساعدات التي تلقتها اليابان من الولايات المتحدة، كانت هناك إشارات في التعاملات الدبلوماسية بين البلدين في الخمسينيات توضح أن طوكيو لم تكن تقدر تمام التقدير الجهود الأمريكية ولم تكن تشعر بأن هناك ما يجب أن تشكر عليه الأمريكيين.

 


على سبيل المثال، أرسل وزير الخارجية الأمريكي "فوستر دالاس" برقية إلى السفارة الأمريكية في طوكيو في ديسمبر 1953 قال فيها الآتي:

 


"إن اليابانيين يطلبون باستمرار المزيد والمزيد من الولايات المتحدة دون أن يشعروا بأن عليهم أي التزام بالقيام بما هو ضروري لتعزيز الأمن بآسيا.. أعتقد أن الوقت قد حان لكي يدرك القادة اليابانيون أنهم لا يستطيعون توقع أن يكونوا الطرف المتلقي للمساعدات دون القيام بأي جهد في المقابل."

 


بعد 8 أشهر فقط أرسل "فوستر" برقية سرية أخرى إلى السفارة الأمريكية بطوكيو قال خلالها: "لقد شعرت بخيبة أمل لأن اليابان تمتنع حتى الآن عن بذل أي مجهود من جانبها وتتوقع على ما يبدو أن تستمر الولايات المتحدة في الاعتناء بها."


كان هذا جزءًا من وثائق سرية تظهر أن المعجزة الاقتصادية اليابانية كانت ترجع بشكل جزئي إلى الجهود التي بذلتها الولايات المتحدة في مساعدة اليابان خشية أن تقع الأخيرة فريسة للشيوعية. وبينما لا يمكننا إنكار حقيقة أن روح الشعب الياباني المجتهد كانت سبباً أساسياً في نجاح بلاده بعد الحرب، إلا أن الوثائق تظهر أنه لولا واشنطن لما كانت هناك اليابان التي نعرفها اليوم.

المصدر:

أرقام

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الدكتور على مصطفى مشرفة

الحادي عشر من يوليو عام 1898 يوم سُجل في ذاكرة التاريخ، يوم شهد مولد وأحد من أعظم علماء مصر الأفزاز، الذي برع في المجالات العلمية ولا سيما في مجال الذرة، ذاع صيته في العالم أجمع شرقًا وغربًا حتى وصف بأنه واحد من سبعة علماء على مستوى العالم يعرفون أسرار الذرة، إنه العالم المصري الكبير الدكتور مصطفى مشرفة. ولد الدكتور على مصطفى مشرفة في 11 يوليو 1898 في حي المظلوم في مدينة دمياط، ووالدة هو السيد مصطفى عطية مشرفة أحد الأثرياء، ورجال الدين المصريين، الذين تربوا في مدرسة الإمام جمال الدين الأفغاني، والشيخ محمد عبده، وكان لهذا الأمر سببًا قويًا في نشأته على حفظ القرآن الكريم منذ الصغر، فقد كان "مصطفى" محافظًا على صلاته مقيمًا لشعائر دينه كما علمه والده، وقد ظلت هذه المرجعية الدينية ملازمة له طوال حياته، كما قضى مشرفة السنوات الأولى من طفولته في رغد من العيش وهناءة بال، إلى أن تأثر والده في سنة 1907م بأزمة القطن الشهيرة التي هزت الاقتصاد المصري فهوت بالأغنياء إلى قاع الفقر وكان من جراء تلك الأزمة أنها اودت بمائتي فدان كان الوالد يمتلكها. تلقى "على" دروسه الأولى ع...

أربعة يحكمون العالم، هل تعرفهم؟

  تمرّ علينا الكثير من نظريات المؤامرة بما يخص الحكّام الحقيقيين للعالم والمالكين لأكبر ثرواته، لكن ماذا لو علمت بأنّه يمكنك بشكل علني تتبّع ملكيّة أكبر الشركات والمؤسسات العالمية، لتصل إلى أربع شركات عملاقة قد لا تكون سمعت بها من قبل؟ إذاً مَن يملك في الحقيقة العالم؟ علينا دوماً عند طرح هذا السؤال أن نتبع المال، ويشمل ذلك البنوك الأكبر في العالم: حاملو أسهم بنك أمريكا: ستيت-ستريت كوربوريشن، ومجموعة فانغارد، وبلاك روك، وإف.إم.آر، وبولسون وجي-بي مورغان، وتي.رو، وكابيتال وورلد إنفيستورز، وآكسا، وبنك نيويورك ميلون. حاملو أسهم جي.بي.مورغان: ستيت-ستريت كوربوريشن، ومجموعة فانغارد، وبلاك روك، وإف.إم.آر، وتي.رو، وكابيتال وورلد إنفيستورز ، وآكسا، وبنك نيويورك ميلون، وكابيتال ريسرش غلوبال إنفستور، ونورثرن ترست كورب. حاملو أسهم سيتي غروب: ستيت-ستريت كوربوريشن، ومجموعة فانغارد، وبلاك روك، وإف.إم.آر، وبولسون، وكابيتال وورلد إنفيستورز، وجي بي مورغان، ونورثرن تروست كوربوريشن، وفيرهوم كابيتال مانجمنت، وبنك نيويورك ميلون. حاملو أسهم ويلز فارغو: ستيت-ستريت كوربوريشن، ومجموعة فانغارد، وبلاك روك، وإف....

سعيد السيد بدير .. العالم البطل الذي قتله الموساد

كان سعيد السيد بدير عالم من علماء مصر العباقرة الذى قام الموساد بإغتيالهم وهو نهج تعودت عليه حيث محاربة كل من تجده يهدد أمنها أو يزعزع قواتها. الدكتور سعيد السيد بدير واحد من أبناء  المؤسسة العسكرية المصرية حيث إلتحق بالكلية الفنية العسكرية لحبه الشديد فى القوات المسلحة وتدرج بها حتى أصبح معيدا ثم أستاذ مساعد بالكلية، وقد كان أول من حصل على شهادة الماجستير فى الهندسة الكهربائية من الكلية العسكرية والدكتوراه فى الهندسة الإلكترونية من جامعة كنت الإنجليزية وقد تم ترشيحه لجائزة الدولة التشجيعية وقد وصل العالم المصرى سعيد بدير إلى رتبة عقيد مهندس بالقوات الجوية ولكى يكمل أبحاثه التى بدأها طلب أن يحال إلى المعاش وبالفعل أستجيب لطلبه وأحيل على المعاش برتبة عقيد. وقد سافر إلى ألمانيا لإستمكال مشوارة العلمى حيث عمل فى أبحاث الأقمار الصناعية، في جامعة ليبزيخ الألمانية فقد تعاقد معها لإجراء أبحاثه لمدة عامين بشرط أن يرسل نتائج تلك الابحاث أول بأول إلى مصر وقد قبلت الجامعة وهناك توصل المهندس الشاب من خلال أبحاثه إلى نتائج متقدمة جعلته يحتل المرتبة الثالثة من بين 13 عالماً فقط على مستو...

عبدالرحمن الخازني

عبد الرحمن الخازني المكنى بأبي الفتح هو العالم المسلم الفيزيائي والأحيائي والكيميائي والرياضي والفيلسوف الذي تأثر بالفلسفة الإغريقية البيزنطية ينحدر الخازني من مدينة مرو الموجودة الآن في تركمانستان، ثم انتقل إلى مقاطعة خراسان التابعة للإمبراطورية الفارسية ثم عاد بعدها إلى تركمانستان. ولديه مساهات مهمة في الفيزياء و علم الفلك. واعتبر أعظم تلميذ تلمّذ في مدارس مدينة مرو. كتب روبرت إي. هال التالي عن الخازني: " لأن الخازني هو صانع الآلات العلمية باستخدام قانون إتزان الموائع، فإنه لا يترك مجالاً للشك بأنه يعتبر أعظم العلماء في أي زمن كان قديمه وحديثه". كان الخازني واحداً من الغلمان الإغريقيين البيزنطيين الذين خدموا في بلاط الأمراء الأتراك السلاجقة، حيث أخذ أسيراً من مدينته مرو بعد أن انتصر الأتراك السلاجقة في حربهم ضد الإمبراطور البيزنطي رومانوس الرابع. أعطاه سيده الخازن أفضل تعليم ممكن في مواضيع الرياضيات والفلسفة. كان الخازني أيضاً طالباً لدى أشهر شاعر فارسي ورياضي وفلكي وفيلسوف: عمر الخيام (1048- 1131) والذي كان يقيم في مرو في ذلك الوقت. بعدها احترف الخازني الرياضيا...

اتفاقية سايكس بيكو عام 1916

 اتفاقية سايكس بيكو عام 1916، كانت تفاهمًا سريًا بين فرنسا والمملكة المتحدة بمصادقة من الإمبراطورية الروسية على اقتسام الهلال الخصيب بين فرنسا وبريطانيا لتحديد مناطق النفوذ في غرب آسيا بعد تهاوي الامبراطورية العثمانية، المسيطرة على هذه المنطقة، في الحرب العالمية الأولى. تم الوصول إلى هذه الاتفاقية بين نوفمبر من عام 1915 ومايو من عام 1916 بمفاوضات سرية بين الدبلوماسي الفرنسي فرانسوا جورج بيكو والبريطاني مارك سايكس، وكانت على صورة تبادل وثائق تفاهم بين وزارات خارجية فرنسا وبريطانيا وروسيا القيصرية آنذاك. تم الكشف عن الاتفاق بوصول الشيوعيين إلى سدة الحكم في روسيا عام 1917، مما أثار الشعوب التي تمسها الاتفاقية وأحرج فرنسا وبريطانيا وكانت ردة الفعل الشعبية-الرسمية العربية المباشرة قد ظهرت في مراسلات حسين مكماهون. تم تقسيم الهلال الخصيب بموجب الاتفاق، وحصلت فرنسا على الجزء الأكبر من الجناح الغربي من الهلال (سوريا ولبنان) ومنطقة الموصل في العراق. أما بريطانيا فأمتدت مناطق سيطرتها من طرف بلاد الشام الجنوبي متوسعا بالإتجاه شرقا لتضم بغداد والبصرة وجميع المناطق الواقعة بين الخليج العر...

الكتاب: الإنسان العاري.. الدكتاتورية الخفيّة للعالم الرقمي

  يتكرر القول بأشكال مختلفة ومن الجميع، إن العالم اليوم يعيش عصر الثورة الرقمية. ولا شكّ أن هذه الثورة غيّرت خلال فترة قصيرة من الزمن الكثير في الحياة اليومية للبشر. والكثير مما كان يبدو حتى الأمس غير البعيد بمثابة نوع من «الخيال العلمي» غدا اليوم حقائق وممارسات في الواقع بفضل ما توصّلت له التكنولوجيات الرقمية. لكن للميدالية وجهها الآخر. وهذا بالتحديد ما يشرحه "مارك دوغان"، الكاتب والروائي والسينمائى والصحفي، و"كريستوف لابي"، الصحفي في مجلة "لوبون" والمختص بالمسائل الدفاعية، في كتابهما المترك الذي يحمل عنوان "الإنسان العاري" والذي يتقصيان فيه عن "الدكتاتورية الخفيّة للعالم الرقمي"، كما جاء في عنوانه الفرعي. "الإنسان العاري" الذي يقصده المؤلفان في عنوان هذا العمل هو بالتحديد الإنسان الحديث، إنسان العصر الرقمي. وهو الذي كشفت مختلف وسائل التواصل الاجتماعي الرقمية الغطاء عن الكثير من المعلومات والمعطيات الخاّصة بحياته وجمعتها في نوع من "المفكّرة الرقمية" التي يتم استخدامها من مختلف الأجهزة عند الحاجة إلى ذلك. أمّا وسائل ...

ياكوبس فانت هوف 1852

 هو كيميائي وفيزيائي هولندي  وتخصص في الكيمياء العضوية والكيمياء الفيزيائية. تحصل على جائزة نوبل في الكيمياء لسنة 1901 وذلك في أول عام لها وذلك لعمله على التناضح. تحصل على الدكتوراه من جامعة أوترخت. درس في معهد اوترخت البيطري ومن ثم عمل كمديراً لقسم الكيمياء في جامعة أمستردام. درس في جامعة برلين بين 1896 و1911 وأعماله هي ما ساهم في ظهور الكيمياء الفيزيائية بالصورة التي هي عليها اليوم . ولد الثالث من بين سبعة أطفال في مدينة روتردام لأب فيزيائي وعرف بشغفه بالعلوم منذ صغره في عام 1869 بدأ فانت هوف بدراسة التقانة في معهد تقانة البوليميرات في دلفت. وفي عام 1871 درس الرياضيات في جامعة ليدن. ثم في عام 1872 بدأ بدراسة الكيمياء في جامعة اوغست كيكوليه في بون (ألمانيا) ثم في جامعة شارل ادولف فورتز في باريس 1873. وفي عام 1874 حصل على درجة الدكتورا من جامعة أوترخت. ثم أصبح مساعدا في كلية الطب البيطري في جامعة أوترخت 1877 انتقل للتدريس في قسم الكيمياء بجامعة أمستردام، حيث نال درجة بروفسور عام 1878. من 1896 وحتى وفاته عمل فانت هوف في جامعة برلين. في عام 1901 حصل فانت هوف على جائزة...

ماري كوري 7 نوفمبر 1867

ماري سكوودوفسكا كوري  عالمة فيزياء وكيمياء بولندية المولد، اكتسبت الجنسية الفرنسية فيما بعد. عرفت بسبقها وأبحاثها في مجال اضمحلال النشاط الإشعاعي وهي أول امرأة تحصل على جائزة نوبل والوحيدة التي حصلت عليها مرتين وفي مجالين مختلفين  (مرة في الفيزياء وأخرى في الكيمياء)، وهي أول امرأة تتبوأ رتبة الأستاذية في جامعة باريس. اكتشفت مع زوجها بيار كوري عنصري البولونيوم والراديوم وليحصلا مشاركةً على جائزة نوبل في الفيزياء، كما حصلت على جائزة نوبل في الكيمياء عام 1911 بمفردها، وقد اقتسمت ابنتها إيرين جوليو-كوري وزوج ابنتها فردريك جوليو-كوري أيضًا جائزة نوبل لعام 1935. ولدت ماري كوري باسم ماريا سكوودوفسكا في مدينة وارسو (التي كانت آنذاك تابعة لمنطقة فستولا، وهو الاسم الذي كان يطلق على بولندا تحت حكم الإمبراطورية الروسية) وعاشت فيها حتى بلغت الرابعة والعشرين. وفي سنة 1891، لحقت بأختها الكبرى برونسوافا  التي سافرت إلى باريس للدراسة. من إنجازاتها وضع نظرية للنشاط الإشعاعي (وإليها ينسب مصطلح نشاط إشعاعي). كما ابتكرت تقنيات لفصل النظائر المشعة، واكتشفت عنصرين كيميائيين هما البولون...

نبذة عن مجموعة بريكس 2006

  مجموعة "بريكس" هي منظمة سياسية بدأت المفاوضات لتشكيلها عام 2006 وعقدت اول مؤتمر قمة لها عام 2009. وكان أعضاؤها هم الدول ذوات الاقتصادات الصاعدة وهي البرازيل وروسيا والهند والصين تحت إسم "بريك " أولا ثم انضمت جنوب إفريقيا إلى المنظمة عام 2010 ليصبح اسمها "بريكس". وتتميز دول المنظمة بأنها من الدول النامية الصناعية ذوات الاقتصادات الكبيرة والصاعدة. ويعيش في الدول الخمس نصف سكان العالم ويوازي الناتج الاجمالي المحلي للدول محتمعة ناتج الولايات المتحدة (13.6 تريليون دولار) ويبلغ مجموع احتياطي النقد الأجنبي لدول المنظمة 4 تريليون دولار. ووصف الرئيس الصيني لي جينتاو دول "بريكس" بأنها "المدافعة عن مصالح الدول النامية وأنها قوة من أجل السلام العالمي". وكان وزراء خارجية دول "بريك" اجتمعوا في نيويورك عام 2006 مدشنين بذلك سلسلة اجتماعات لاحقة للتشاور حول تأسيس المنظمة. وفي عام 2008 عقد اجتماع في مدينة ييكاترينبرغ الروسية ، ثم تبع ذلك اول مؤتمر قمة لدول المجموعة في 16 يونيو/حزيران عام 2009 في ييكاترينبرغ. في عام 2010 بدأت جنوب إفريقيا التف...

هبة البراق عام 1929

  شهدت فلسطين، في عشرينيات القرن العشرين، عدداً من الانفجارات الثورية، التي كانت تعكس قلق العرب الفلسطينيين المتزايد من مشروع "الوطن القومي اليهودي"، المدعوم من قبل سلطات الانتداب البريطاني، وتتخذ، في الأساس، شكل صدامات دامية بين المواطنين العرب من جهة والمستوطنين اليهود من جهة ثانية. ففي الرابع والخامس من نيسان/أبريل 1920، وقعت اشتباكات واسعة بين العرب واليهود في مدينة القدس، أسفرت عن مقتل تسعة أشخاص وجرح أكثر من مئتي شخص من الجانبين. وفي الأول من أيار/مايو 1921، اندلعت في مدينة يافا صدامات دامية بين العرب واليهود، تواصلت لعدة أيام، وشهدت قيام الفلاحين والبدو العرب بمهاجمة عدد من المستعمرات اليهودية، وأسفرت عن وقوع 95 قتيلاً و 219 جريحاً من الطرفين. غير أن ما ميّز هبة البراق، التي اندلعت في الأسبوع الأخير من آب/أغسطس 1929، عما سبقها من انفجارات ثورية، هو في كونها قد مثلت أول اضطرابات عامة، شملت معظم المدن الرئيسية في فلسطين، وامتدت إلى العديد من القرى العربية والمستعمرات اليهودية، واضطرت السلطات البريطانية، من أجل إخمادها، إلى استخدام طائراتها وسياراتها المصفحة، وإلى الاستعا...