الروهينغا مجموعة عرقية بلا جنسية غالبيتهم من المسلمين عاشوا لقرون في ميانمار ذات الأغلبية البوذية. ومع ذلك، فإن السلطات في ميانمار تطعن في هذا الأمر، حيث تزعم أن الروهينغا هم مهاجرون بنغاليون جاؤوا إلى ميانمار في القرن العشرين.
إن هذه المجموعة العرقية التي وصفتها الأمم المتحدة في عام 2013 باعتبارها واحدة من أكثر الأقليات اضطهادًا في العالم، تعاني من حرمانها من الجنسية بموجب قانون ميانمار. وبسبب استمرار العنف والاضطهاد، عاش عدة أجيال في خوف مستمر. وقد فرّ مئات آلاف الروهينغا إلى البلدان المجاورة كبنغلاديش وماليزيا إما عن طريق البر أو القوارب.
قبل الحملة العسكرية في أغسطس / آب 2017، كان نحو 1.1 مليون شخص من الروهينغا يعيشون في ميانمار. واليوم مازال نحو 600,000 يعيشون في ولاية راخين، من بينهم 140,000 روهينغا محتجزين في مخيمات النازحين. ويعيش أكثر من مليوني لاجئ روهينغا كنازحين، معظمهم في أنحاء آسيا والشرق الأوسط.
على الرغم من أن أجيالًا بأكملها تقيم في ميانمار ضمن إطار قانون الجنسية في ميانمار لعام 1982، لا يتمكن الروهينغا في ميانمار من الحصول على الجنسية، ما يجعلهم عديمي الجنسية. ونتيجة لذلك، يمنعون من حرية التنقل والحصول على الرعاية الصحية والتعليم وسبل العيش. ويتعرض الروهينغا في ميانمار إلى الاضطهاد منذ عقود.
العنف والنزوح في عام 2017
توسع نطاق العمليات العسكرية الحكومية التي تستهدف الروهينغا في أغسطس/آب 2017. وكان رد الحكومة أن هذه الهجمات ما هي إلا ردة فعل على سلسلة من الهجمات المزعومة التي قام بها جيش إنقاذ روهينغا أراكان كان قد نفذها ضد مراكز الشرطة وإحدى القواعد العسكرية.
وقد تحدّث الروهينغا الذين فروا عن تعرض المنازل والقرى إلى الحرق وغالبًا ما كانت عائلات بأكملها لا تزال محبوسة في داخلها. وتعرضت النساء والفتيات للاغتصاب كما تمّ جمع الرجال والفتيان وقتلهم رميًا بالرصاص.
في ديسمبر 2017، تمخضت استطلاعات الرأي التي أجريناها في مخيمات اللاجئين أن ما لا يقل عن 6,700 روهينغا – في أكثر التقديرات تحفظًا – قد قتلوا في ميانمار بين 25 أغسطس/آب و24 سبتمبر/أيلول 2017، من بينهم ما لا يقل عن 730 طفلًا دون سن الخامسة.
فرت قرى بأكملها من ولاية راخين، فقد عبر نحو 770,000 روهينغا الحدود التي تفصل بين ميانمار وبنغلاديش ليصلوا إلى مخيمات كوكس بازار.
الكفاح من أجل البقاء على قيد الحياة
يعيش الروهينغا الذين بقوا في ميانمار في ظروف مريعة، وتعد حياة هؤلاء الأشخاص الذين يعيشون في مخيمات اللاجئين بائسة ومقيدة وهم يعتمدون على المساعدات الإنسانية.
ويعاني الأشخاص الذين يعيشون خارج المخيمات في ولاية راخين للحصول على الطعام، ويكافح الأشخاص الذين يعيشون داخل المخيمات وخارجها للحصول على المياه النظيفة الصالحة للشرب، ما يعرضهم لخطر الإصابة بالأمراض المنقولة بالمياه والعدوى الجلدية.
ولم تشهد الظروف أي تحسن منذ الانقلاب العسكري في فبراير/شباط 2021 بالنسبة للروهينغا، إذ تشهد البلاد اضطرابًا اقتصاديًا كبيرًا مع انخفاض قيمة العملة المحلية، ما أدى إلى ارتفاع أسعار الواردات. وعلاوة على ذلك، ارتفعت أسعار الوقود والغذاء على حد سواء، لا سيما في ولاية راخين حيث يتم الاعتماد على نقل البضائع من مناطق أخرى من البلاد.
يعيش نحو مليون لاجئ روهينغا في كوكس بازار في شمال شرق بنغلاديش في أحد أكبر مخيمات اللاجئين الأكثر اكتظاظًا في العالم.
فقد وصل نحو ثلاثة أرباع مليون شخص إلى كوكس بازار في أعقاب العنف القاسي ضد الروهينغا في ميانمار في أغسطس/آب 2017.
ظروف معيشية رديئة وقيود متزايدة
أصبحت الظروف المعيشية في المخيم رديئة بشكل تدريجي خلال السنوات الخمس التي انقضت منذ بداية تدفق الوافدين. فقد شيّدت المآوي "المؤقتة" على منحدرات في منطقة معرضة لحدوث الفيضانات سنويًا. وقد شيّدت هذه المآوي بشكل متلاصق، وفي ظل هذه الظروف تصبح الأعمال اليومية كالطبخ خطيرة، ويشيع خطر نشوب الحرائق التي قد تؤدي إلى الوفاة في بعض الأحيان.
كما تعدّ خدمات المياه والصرف الصحي رديئة للغاية، نظرًا لإمدادات المياه التي لا تكفي لتلبية احتياجات الناس، وغالبًا ما تفيض المراحيض التي تقع بعيدًا عن بعض المآوي ولا يحتوي جميعها على أقفال للأبواب، ما يشكّل خطرًا على أمان النساء والفتيات. وعلاوة على ذلك، تفتقر المخيمات إلى الحاويات الكافية للتخلص من فضلات المنازل، ما يؤدي إلى تكاثر الفئران والبعوض.
في السابق، كان الروهينغا يتمتعون بالقدرة على التنقل بحرية في المخيمات والعمل كذلك. ولكن، منذ عام 2019، سيّجت المخيمات بالأسلاك الشائكة ووضعت نقاط تفتيش على مداخل المخيمات وفي داخلها. ونتيجة لذلك، يواجه الروهينغا الآن قيودًا تعيق قدرتهم على مغادرة المخيم وحتى التنقل بين المخيمات، كما أن فرصهم في الحصول على الرعاية الصحية والتعليم وسبل العيش تكاد تكون معدومة.
وفي ظل الظروف غير الصحية التي يسودها الضيق والازدحام، انتشر عدد من الأمراض داخل المخيمات. ففي نوفمبر/تشرين الثاني 2017، تم الإبلاغ عن مرض الخناق بين اللاجئين، وهو مرض عفا عليه الزمن ومنسي منذ فترة طويلة. وقد عالجت أطباء بلا حدود آلاف المرضى حينها. كما تعدّ أمراض على غرار حمى الضنك والإسهال والعدوى الجلدية شائعة بين اللاجئين الروهينغا الذين يعيشون في كوكس بازار.
يأتي اللاجئون الروهينغا إلى ماليزيا منذ أكثر من 30 عامًا ويخوضون رحلة محفوفة بالمخاطر عبر بحر أندامان. ولكن يستمر اللاجئون في ماليزيا في الكفاح من أجل كرامتهم ولكي يتمّ تقبّلهم.
وتجدر الإشارة إلى أنّ القانون المحلي يجرّم اللاجئين وطالبي اللجوء وعديمي الجنسية، ما يحرمهم من الحصول على الرعاية الصحية وفرص التعليم والعمل، فحتى الأشخاص المسجلون لدى المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين محرومون من الرعاية الصحية والتعليم والعمل.
ويواجه جميع اللاجئين الروهينغا خطر التوقيف والاحتجاز بشكل مستمر، ويضطرون في الكثير من الأحيان للجوء إلى الأعمال القذرة والخطيرة و/أو الصعبة للبقاء على قيد الحياة.
يعتبر الروهينغا من أكثر مجموعات الأقليات اضطهادًا في العالم. وقد أمسوا اليوم مضطرين لعيش حياتهم على هامش المجتمع أو في مخيمات مقيدة. وغالبًا ما يواجهون العنف الجنسي أو الأمراض السارية المتكررة أو عمالة الأطفال أو الاستعباد أو الاعتقال التعسفي أو الاحتجاز أو حتى الترحيل القسري.
وبعد حملة قاسية من العنف الشديد الذي مارسته سلطات ميانمار ضد السكان الروهينغا في ولاية راخين في ميانمار في أغسطس/آب 2017، فر نحو 770,000 من الروهينغا عبر الحدود إلى كوكس بازار في بنغلاديش. ويعيش حاليًا مليون لاجئ روهينغا في ظروف مزرية في مخيمات كوكس بازار.
كما يواجه الروهينغا الذين بقوا في ميانمار أو أولئك الذين خاضوا غمار رحلات محفوفة بالمخاطر على متن القوارب إلى ماليزيا تحديات هائلة. إذ يواجه الروهينغا في البلدان الثلاثة قيودًا صارمة تحد من حرية التنقل وتشكّل حواجز كبيرة تحول دون حصولهم على الرعاية الصحية.
المصدر:
أطباء بلا حدود
تعليقات
إرسال تعليق