ولد فى 16 اغسطس 1888 وتوفى فى 19 مايو 1935 هو ضابط بريطانى اشتهر بدوره فى مساعدة القوات العربية خلال الثورة العربية عام 1916 ضد الامبراطورية العثمانية .
قامت الحرب العالمية الأولى وأعلنت الدولة العثمانية الحرب على إنجلترا. في هذه الأثناء كانت الدولة العثمانية تعاني من كراهية العرب لحكمها نتيجة التفرقة بين الأتـراك والعرب والظلم والقهر الذي مارسة الأتراك في هذا الشأن. سعت إنجلترا في الاستفادة من إمكانياتها في المنطقه لتحقيق نصر في الحرب. فقام السير "جليبرت كلايتون" باستدعاء لورنس بعد أن ذاع صيته كعالم آثار إلى مكتبه بمقر القيادة العليا للجيوش البريطانية في القاهرة. أمر كلايتون بتعيين لورنس في قسم الخرائط. وكانت هذه هي الفرصة الوحيدة للتثبت من صحة الخرائط بالواقع. ظهرت عبقرية لورنس في هذا المجال كما امتدت آراؤه للخطط العسكرية في هذا الشأن. فقام كلايتون بنقله إلى قسم المخابرات السرية. كان لورنس يحفظ المواقع التركية عن ظهر قلب مما ساعد الأنجليز كثيرا. استغل لورنس علاقاته بالعرب لإيهامهم أنه يريد مساعدته لمواجهة الغطرسة التركية وقد ساعدته معرفته باللغة العربية لإضافة مصداقية له في هذا الشأن.
انتقل لورنس إلى الجزيرة العربية ليقف على حقيقة الثورة العربية المشتعلة ضد الأتراك بقيادة الشريف حسين. تقابل لورنس مع الأمير عبد الله الأبن الثاني للشريف حسين. كان لورنس يبحث عن شخصية الزعيم والقائد للثورة التي يمكن أن تساندها إنجلترا.
طلب لورنس من الأمير عبد الله أن يأذن له بالتجول في البلاد ليقف على حقيقة الوضع ويرفع به تقرير للقيادة العامة في القاهرة. وبعد موافقة للشريف حسين على الهاتف, أرسل الأمير عبد الله خطابا لشقيقة الأمير علي ليرافق لورنس ويضمن سلامته. استخدم لورنس الزي العربي للتنقل في الجزيرة قد تحدث العربية على أنه عربي من حلب.
لم يجد لورنس في الأمير عبد الله ولا الأمير علي تلك الشخصية القيادية التي يبحث عنها. ثم التقى بعد ذلك بالأمير فيصل النجل الأكبر للشريف حسين. وقد وجد لورنس في شخصية فيصل ما كان يبحث عنه. تباحث لورنس مع فيصل في وضع الثورة ونجاحاتها واخفاقتها وتبين له أن الهجوم الأول للثوار على المدينة المنورة قد فشل نتيجة استخدام الأتراك للأسلحة الحديثة وخصوصا المدافع التي أثارت الرعب في نفوس العرب لجهلهم بها أو كيفية استخدامها.
قام لورنس بتفقد قوات الشريف المتمركزة في منطقة الخيف وقد اختبر كفاءة هذه القوات حتى يستطيع أخبار القيادة العامة في القاهرة. كان لورنس شديد الاعجاب بالشعور الوطني لدى النفوس المتمثل بالقومية العربية والبعيد كل البعد عن النزعات العقائدية ولا علاقة لها بالإسلام. وادرك أن الثورة التي يقودها الشريف حسين ثورة عربية قومية وليست إسلامية مما أطرب مشاعر لورنس. تمنى لورنس لو أن مصر تلحق بركب الثورة القومية بوصفها أكبر البلدان العربية والإسلامية وأن ايمانها بالقومية العربية على حساب الإسلام سيدفع بالثورة إلى الأمام.
قفل لورنس عائدا إلى القاهرة ولكنه في ميناء جده تقابل مع سفينة الميرال "ويمس" المتجهة للسودان للقاء مستر "ريجالد وينت". ولمعرفة لورنس باهتمام ريجالد بالثورة العربية فقد اتجه مع ويمس إلى الخرطوم حيث قابل ريجالد وأطلعه على نتائج زيارته للجزيرة العربية ثم اتجه إلى القاهرة.
في هذه الأثناء كان رئيس البعثة العسكرية الفرنسية في جدة "بريموند" يرى ضرورة تدخل القوات البريطانية مع الفرنسية مباشرة في الحجاز وهو ما عارضه لورنس بشده حيث كان رأيه أن تدخل القوات الأجنبيه مباشرة سيفقد الثورة تأثيرها ويثير الروح العقائدية ويمنع كثير من مؤيدي الثورة لمحاربة الأتراك المسلمين. وقد أكد لورنس للقيادة العامة أن القوات العربية تستطيع مجابهة الأتراك والصمود لفترات طويلة إذا تم تزويدهم بالأسلحة والخطط الفنية التي وعدهم بها لورنس. وقد اقتنعت القيادة البريطانية العامة في القاهرة برأي لورنس مما اشعل الضغينة بينه وبين بريموند.
بعد احتلال العقبه سعت القوات التركيه بشتى الطرق محاولة استعادة هذا الميناء المهم. فدفعت بتعزيزاتها صوب العقبه وجرت مواجهات عنيفه انتهت بسحق القوات التركية وانتصار الثوار خصوصا بعد أن نجح لورنس في استجلاب دعم الطيران الإنجليزي من الجنرال اللنبي ووصول الطائرات البريطانيه إلى العقبه. وكانت أشد هذه المواجهات في منطقة أبو لسن.
بعد ذلك اعتمد لورنس على حرب العصابات. فقام بتنفيذ الكثير من عمليات زرع الألغام على خطوط السكك الحديد التركيه وجنى من هذه العمليات انتصارات كبيره ساعدته على تثبيت اسمه.
اتجه بعد ذلك لورنس للقاء الجنرال اللنبي وقد توقع من الأخير أن يغدق عليه من الأوسمه والنياشين. بيد أن اللنبي كان يرى ضرورة صرف الانتباه من مجرد حرب على السكك الحديده لحرب مباشره لتنفيذ أطماع بريطانيا في فلسطين. فتكلم مع لورنس بغطرسه اثارت حنقه. تحدث اللنبي مع لورنس على ضرورة اشعال الثورة العربيه بالشكل الذي يسمح بتأليب الشعوب لتجني بريطانيا ثمار هذه الثوره بأقل تكاليف.
نجح اللنبي في صرف انتباه الأتراك نحو غزه حيث أوهمهم بأنه عازم على احتلال غزه مما دفع الأتراك إلى التأهب والاستعداد في حين أنه نفذ هجوم قاسي على أضعف المناطق التركيه مما اسهم في تحقيق انتصارات سهله أمام المشاه الأنجليز.
اتجه لورنس بنفسه إلى درعا للاستيلاء عليها قبل أن يجني اللنبي هذه الثمره بعد كل هذا التمهيد من جانب لورنس والأمير فيصل. ولأنه اتجه وحيدا فقد وقع في أيدي الأتراك الذين لم يعرفوا شخصيته. أوهمهم لورنس بأنه شركسي ولكنهم أصروا على أن يمثل بين يدي "ناهي بك" الحاكم التركي. سرت شائعه بعد ذلك بأن "ناهي بك" قد أقام علاقه شذوذ بلورنس إلا أن هذه الاشاعه لا يمكن التأكد من مصداقيتها وقد تكون وشايه من جانب الأنجليز بالحاكم التركي. المهم أن لورنس نجح في أن يتحرر من قبضة الأتراك وعاد كما كان ولكنه كان محمل بخيبة أمل الهزيمه التي تعرض لها في درعا وكان يخشى من مواجهة اللنبي المتغطرس المنتصر.
بعد عودته علم أن اللنبي نجح في احتلال القدس وانه يريد مقابلته في اليوم التالي. تقابل لورنس مع اللنبي وقد لاحظ الأخير مدى تأثر لورنس بالهزيمه التي تعرض لها. فوعده -اللنبي- بأن يضع خطه عسكريه لاشعال فتيل الثورة العربيه مما أطرب لورنس.
قام لورنس بتنفيذ هذه الخطه فقامت القوات العربيه بمهاجمة "الطفيله " وبعد شد وجذب مع القوات التركيه وتبادل النصر والهزيمه نجحت القوات العربيه في احتلال "الطفيله" في عام 1918. وعاد الأمل للورنس مره أخرى بعد أن نجح في قطع خطوط مواصلات الجيش التركي عبر البحر الميت.
اتجه لورنس إلى مقر القائد العام اللنبي في القدس حيث اتفقا على ضرورة زيادة دعم الأمير فيصل باعتباره القائد القادم للثورة. مما دفع اللنبي إلى التعهد بتحمل كافة نفقاته وأرسل اليه مع لورنس مبلغ ثلاثمائة ألف جنيه وجمال محمله بالمؤن.
في هذه الأثناء لمع نجم نوري السعيد كنائب وقائد في صفوف قوات الأمر فيصل. وقد عينه فيصل بعد ذلك رئيسا للحكومة في العراق.
فيصل ولورنس ونوري السعيد.
اتفق لورنس مع الأمير فيصل على تنفيذ الخطة المعده مسبقا بين لورنس واللنبي. تقوم الخطة على تنفيذ هجوم من بلدة أريحا في الخامس من مايو 1918 واحتلال مدينة السلط وبلدة معان وتدمير خط السكك الحديدة جنوب عمان. وقد أعد لورنس مع "نوري السعيد" القوات المتأهبة للحرب.
احتلت القوات البريطانيه مدينة السلط لكن الجيش التركي بقيادة القائد التركي العنيد "جمال باشا" العنيد استطاع استعادة مدينة عمان والسلط ثم كثرت الأقاويل عن قرب سقوط القدس المقر العام للنبي. ولكي يتأكد لورنس من هذا الوضع فقد تخفى في زي نساء البدو وتسلل إلى عمان ولاحظ الهرج في شوارع المدينة بعد أن عاث الأتراك فسادا في شوارع عمان لمحاكمة الخونه والعملاء.
سقطت مدينة السلط مرة أخرى في يد الأنجليز ثم استعادها الأتراك. ومن أجل ذلك ألتقى اللنبي مع لورنس حيث طلب الأخير بضرورة حسم الحرب بتدخل القوات الجوية بقيادة الجنرال "سالموند". وطلب لورنس من اللنبي امداده بالهجانه. وقد أذعن اللنبي لهذه الطلبات.
عاد لورنس مع فرقه الهجانه ووعود بتدخل القوات الجوية البريطانية إلى الأمير فيصل وقد أصبح الطريق ممهدا إلى دمشق.
فكر لورنس في العودة إلى بلاده بعد احتلال دمشق وصرح بذلك للأمير فيصل الذي أصر على ضرورة استمرار لورنس معه. كانت رؤية لورنس هي أن الهدف الأساسي أمامه طرد الأتراك من الجزيرة العربية وهيمنة القوات البريطانية والتمهيد لمشروع الدولة اليهودية الذي صاغه ثيودور هرتزل ووعد به آرثر جيمس بلفور وزير خارجية إنجلترا في سنة 1917 فيما يعرف بوعد بلفور.
طلب لورنس من الأمير فيصل أن يطلب من والده امداده بفرقه عسكرية. وقسم لورنس الجيش إلى ثلاثة أقسام:
1. قسم يدافع عن معان
2. قسم يهاجم قطاع درعا ودمشق
3. قسم يتجه للنبي الذي سوف يدخل دمشق بعد انشحاب الأتراك من فلسطين
اتجه لورنس إلى الشريف حسين لاقناعه بالأمر. إلا أنه فوجئ بالشريف حسين يتنصل من مقابلته متعللا باعتكافه في مكة مما يصعب على لورنس الوصول اليه لأنه غير مسلم ممنوع من دخول مكة. كان الشريف حسين يرى أن ابنه الأمير فيصل لا ينصاع لأوامره كأخوته علي وعبدالله وزيد. وأنه ينفذ أرتمى في أحضان الأنجليز وأنه ينفذ أوامرهم فحسب. ومن أجل ذلك أصدر قراره بتعيين "جعفر باشا" قائدا للجيش العربي واتبعه بعد ذلك بقرار بعزل الأمير فيصل من كافة صلاحياته. وتواردت الرسائل بين الشريف حسين ولورنس واللنبي حتى نجح لورنس في اقناع الشريف بالعدول عن قرار عزل الأمير فيصل حتى لا تفشل الثورة.
ظهرت الضغينة بين أفراد العائلة الواحدة التي باعت نفسها منذ البداية للأنجليز. ولكن الحقد في تفضيل الأنجليز للأمير فيصل. احتشد الجيش العربي تحت قيادة الأمير فيصل مدعوما بالأنجليز. وقد قام لورنس باذهال الأتراك عندما نسف الجسر الو اصل بين درعا ودمشق مما عزل درعا تماما استعدادا للهجوم الكبير بقيادة اللنبي. انطلق لورنس على رأس قوات نوري السعيد لنسف جسر اليرموك ومحطة البنزين. في صباح 19 سبتمبر 1918 بدأ هجوم اللنبي الكبير. توغلت القوات البريطانية داخل مدينتي حيف ونابلس وقامت بتدمير الفرق السابعة والثامنة للجيش التركي.
في "أم الطايع" ضغط شيوخ القبائل العربية بضرورة استغلال الوضع وتنفيذ هجوم على دمشق الأمر الذي رفضه لورنس لعدم وجود غطاء جوي. وأمام هذا الضغط طار لورنس إلى الجنرال اللنبي للتباحث معه.
وضع لورنس خطة على شن ثلاث هجمات عنيفه على الأتراك: 1. هجوم على مدينة عمان عبر فرقة الجنرال "شايتور" 2. هجوم الفرقة الهندية بقيادة الجنرال "بارو" في منطقة درعا 3. هجوم الفرقة الأسترالية بقيادة الجنرال "شوفيل" على مدينة دمشق.
واختتم لورنس خططته بضرورة توفير غطاء جوي.
بدأت المعارك وقد شهدت هذه الحرب الكثير من المذابح -من الطرفين- التي يندى لها الجبين والتي راح ضحيتها الكثير من الأطفال والنساء دون أدنى احترام للعهود والمواثيق وتعاليم الإسلام لأي من الطرفين. اتجه الزحف على كافة الأصعده حتى وصل إلى دمشق. كانت مخاوف اللنبي من غضبة الجماهير السورية الرافضه لأي وجود إنجليزي والخلفية العقائدية لمساندة الحكم الإسلامي. بحث لورنس مع الأمير فيصل كيفية اقناع السوريين بتأييد الأنجليز في مواجهة الأتراك. كانت لجنة الأمير فيصل التي يترأسها "علي رضا" و"شكري باشا الأيوبي" في دمشق تستعد لإدارة شؤون المدينة حال انهيار الحكم التركي تفاديا لفراغ سياسي قد يؤدي إلى نتائج غير مرغوبه من الأمير فيصل.
قرر لورنس والشريف ناصر -أحد حلفاء الأمير فيصل- إرسال أحد رجال الشريف ناصر لفتح قناة اتصال بين لورنس واللجنه. فوجئ مبعوث الشريف ناصر بأن "علي رضا" قد أرسل من قبل الأتراك لقيادة الجيش التركي المنسحب من منطقة الجليل هربا من مواجهة الفرقة الأسترالية بقيادة "شوفيل" وأن "شكري باشا الأيوبي" قد تلقى دعما هائلا من الأخوين الجزائريين "عبد القادر" و"محمد سعيد" لتشكيل حكومة وطنية ورفع الأعلام أمام الجيش التركي والألماني المنسحب. كان لورنس يكره الأخويين الجزائريين بشده حيث وصفهم بضيق نظرتهم وتعصبهم الديني وبأنهم كانوا يساعدون الأتراك عندما كانت الغلبه لهم.
دخل لورنس مع الشريف ناصر إلى دمشق مع ظهور أول الصباح. وكان الشريف ناصر يتلهف لدخول المدينة في المساء إلا أن لورنس حذره من ذلك لخطورة الظلام وأقنعه بأن ذلك ليس من مكانة الشريف ناصر بل عليه دخول دمشق في وضح النهار. اتجه الشريف ناصر صوب سراي الحكومة وسط تأييد شعبي. علم لورنس أن الجنرال "شوفيل" قد وصل إلى جنوب دمشق فأسرع إليه يطلب منه أن يبقى يومين خارج المدينة لتهيئة الأوضاع ومنعا لإثارة الجماهير.
أصدر لورنس قراره بتعيين شكري باشا الأيوبي حاكما عسكريا ونوري السعيد قائدا للقوات المسلحه ساعيا بشتى الطرق لتهميش دور الأخويين الجزائريين. مما دفع الأخوين لمحاولة اغتيال لورنس لولا تدخل الشيخ "نوري شعلان" -أحد حلفاء الأمير فيصل- وعودة أبو تايه واعلانهم أن لورنس تحت حمايتهم.
حاول الأخوان اثارة القلاقل عن طريق تنظيم ثورة جماهيرية كبيرة بعد اثارة الجماهير واقناعه بأن الحكومة الجديدة عميلة للأجانب وأن الهدف منها انهاء الخلافه الإسلامية. سارع لورنس إلى "نوري السعيد" الذي قام بنشر الفرق العسكرية في المناطق الاستراتيجية في المدينة والقبض على كل من يتظاهر ضد الحاكم العسكري "شكري باشا الأيوبي". بعد استتباب الأمن وفي صباح اليوم التالي وصل الجنرال اللنبي إلى دمشق بمرافقة الجنرال كلايتون والجنرال كونواليس وقد أظهروا جميعا امتنانهم للورنس.
تبع ذلك وصول الأمير فيصل إلى دمشق وقد حرص لورنس على استقباله لدى وصوله على متن القطار. هنا طلب لورنس من الجنرال اللنبي بالسماح له بالعودة إلى إنجلترا بعد انتهاء مهمته وتحقيق اهدافه. وأمام اصرار لورنس سمح له اللنبي بالعودة. نجحت الثورة وانتهت بعد تنصيب فيصل ملكا على العراق والأمير عبد الله ملكا على الأردن برعاية اتفاق بين الأثنين برعاية اللنبي.
تعليقات
إرسال تعليق