لمحاولة الانقلابية في الاتحاد السوفيتي 1991 وهي انقلاب فاشل وقع يوم 19 أغسطس 1991 وبدأ بمحاولة اقصاء رئيس البلاد ميخائيل غورباتشوف عن الحكم. ورأي أعضاء لجنة الدولة لحالة الطوارئ التي ضمت ممثلي الحكومة واعضاء اللجنة المركزية للحزب الشيوعي ان النهج السياسي الذي كان غورباتشوف يتبعه أدى إلى انهيار المستوى المعيشي للسكان وتشجيع السوق السوداء، بالإضافة إلى أنه خلق نزعات خطيرة من شأنها ان تفكك الدولة.
جرى في مارس عام 1991 الاستفتاء الشعبي حيث صوتت أغلبية الناس تأييدا للحفاظ على الاتحاد السوفيتي باستثناء الجمهوريات الست، وهي لتوانيا ولاتفيا واستونيا وجورجيا ومولدافيا وأرمينيا، التي كانت قد اعلنت استقلالها. وفي 17 يونيو قام الرئيس غورباتشوف وزعماء الجمهوريات التسع، وهي روسيا الاتحادية وأوكرانيا وبيلوروسيا وكازاخستان وطاجيكستان وأوزبكستان وقرغيزيا وأذربيجان وتركمانستان، قاموا بتنسيق مشروع معاهدة تشكيل اتحاد الدول المستقلة كفيدرالية لا مركزية. وكان من المقرر ان تنضم تلك الدول يوم 20 أغسطس إلى المعاهدة. اثارت المعاهدة استياء لدى المسؤولين عن الدفاع والامن في مجلس وزراء الاتحاد السوفيتي، وبينهم دميتري يازوف وزير الدفاع وبوريس بوغو وزير الداخلية وفلاديمير كريوتشكوف رئيس لجنة امن الدولة (كي جي بي).
اعلنت وسائل الاعلام السوفيتية في 19 أغسطس حالة الطوارئ في البلاد. كما اعلنت عجز الرئيس غورباتشوف عن أداء مهامه لحالته الصحية السيئة وانتقال السلطة إلى لجنة الدولة لحالة الطوارئ. وتم في الوقت نفسه ادخال القوات إلى موسكو. واعلن ان ممثلي المعارضة الديمقراطية سيخضعون للاعتقال في حال العثور عليهم. وتضمنت المعارضة للجنة الدولة لحالة الطوارئ قيادة روسيا الاتحادية بصفتها إحدى جمهوريات الاتحاد السوفيتي حينذاك برئاسة بوريس يلتسين رئيس الجمهورية وايفان سيلاييف رئيس الحكومة الروسية وروسلان حزبولاتوف رئيس مجلس السوفيت الأعلى. وقام يلتسين بنشر دعوة إلى مواطني روسيا الاتحادية، حيث وصف أعمال لجنة الدولة لحالة الطوارئ بانها انقلاب حكومي ووقع مرسوما حول عدم شرعية اللجنة. كما دعا الشعب إلى الوقوف إلى جانب الديمقراطية الروسية الفتية. واجتمعت بالقرب من "البيت الأبيض" (مبنى مجلس السوفيت لروسيا الاتحادية) مجموعة كبيرة من أنصار الرئيس الروسي الذي كانوا يعبرون عن احتجاجهم ولم ينصرفوا حتى في الليل. وبدأوا يقيمون المتاريس في موسكو ويوزعون المنشورات. وانتقلت وحدات فرقة "تامانسكايا" إلى جانب المدافعين عن المجلس الأعلى. اما الدبابات التي وجهتها لجنة الدولة لحالة الطوارئ إلى مبنى البرلمان فتم حصارها بحشود من الناس. ولقي 3 أشخاص مصرعهم جراء وقوع اشتباكات.
كريتشكوف .. رئيس المخابرات الروسيه ( الكي جي بي) .. تلك المخابرات التي يكفي ذكر اسمها أمام بعض زعماء العالم لتبتل ملابسهم الداخليه من الرعب ! يازوف .. وزير الدفاع السوفيتي .. ذلك الرجل المرعب الذي يقود ثاني أقوى جيوش الكون .. والذي يشبه الدبابه الى حد كبير ! وزير الداخليه ، رئيس الحكومه ، رئيس الحزب الحاكم ، بل وحتى نائب الرئيس ! لا .. بل وحتى رئيس سكرتارية الرئيس !! حتى الموظفين الصغار ..
الكل قرر المشاركه في الانقلاب على خيار الشعب ..
وهم استعدوا جيداً .. لقد تم اخلاء أكبر سجون روسيا استعداداً لسجن المواطنين المعارضين .. تم تحضير 300 ألف بذلة سجن .. و 250 ألف كلبش (صفد) ! وللمزيد من التأمين .. قرر مدير المخابرات مضاعفة رواتب الظباط كلهم ..
يكاد المواطن الروسي يسقط من الرعب .. كل تلك الأجهزه لها تاريخ (طويل جداً) من الذبح والسحل والقتل .. وهي لم تعط بادره من قبل أنها تتفاهم مع أحد .. انها تذبحك ثم تسلخك وبعدها تحاول التفاهم !
مالم يعرفه الرجل .. أن تلك الفرق التي انتشرت في موسكو هي الـ (طمانسكايا) و الـ (كانتيمروفسكايا) مع قوات المظلات ! ومالا تعرفه أنت أن هذه الفرق كافيه جداً لاحتلال مجموعه من الدول المتجاوره ! انها تحيط مقرات الرئاسه والبرلمان .. انها تسيطر على كل شئ .
هل هناك أمل ؟
بالتأكيد لا ..
لكن يلتسين نجا وذهب أمام البرلمان .. وفي جرأه بالغه وقف فوق دبابة من دبابات (الطمانسكايا) يحشد الشعب ويطالبه بالنزول للدفاع عن شرعية رئيسه وحاكمه ، ويطالب الجيش بالامتثال لأوامره .. رافضاً التفاوض أو التنازل .. أليس هو الرئيس المنتخب ؟
ونزل الشعب .. وقرر قائد الطمانسكايا (منفرداً) أنه سينضم ليلتسين الرئيس الشرعي .. ولجورباتشوف الحاكم الشرعي ..
لكن في المساء .. طلب من يلتسين النزول من فوق الدبابات .. ثم رحل مبتعداً بدباباته في ذعر وهلع !
فهم يلتسين ما سيحدث .. وطالب الشعب (السلمي الأعزل) ببناء المتاريس ! وقاموا ببناء أشياء (تافهه) تشبه تلك التي استخدمناها في معركة الجمل .. كي تصد ماذا ؟ كي تصد ذلك الهجوم المسمى ( العمليه رعد) لقتل كل الموجودين وانهاء المظاهره و الذي ستقوم به القوات التاليه :
المجموعه ألفا (أقوى فرق الكوماندوز و مكافحة الأرهاب ذات الصيت العالمي ) - مجموعة الفيمبيل (واحده من أشرس فرق الكوماندوز )- قوات المظلات - قوات الأومون (شرطة روسيا لمكافحة الشغب وهي أشبه بجيشنا)- قوات الدزيرجينسكي ( قوات لحفظ الأمن الداخلي) - ثلاث مجموعات من الدبابات -سرب طائرات هيلكوبتر قتاليه (!!)
فماذا حدث ؟ ثبت المدنيون أمام تلك القوات .. ولم يتحركوا من أماكنهم .. وبمجرد وصول القوات وقف قادتها العسكريون وسط الناس في ضيق .. الأوامر أتت بسحق هؤلاء وهؤلاء لا يتزحزحون .. ما الحل ؟ .. وأبلغوا قياداتهم بأن يراجعوا موقفهم وخطتهم ! وهو ما يعني ضمنياً رفضهم لتنفيذ الأوامر ..
وبعث القاده بقوات الطمان (نعم .. جيوش لا تنتهي) .. وهي قوات مسلحه مدرعه .. وواجهها الناس بشراسه .. وقتل ثلاثه فقط .. قبل أن يقوموا باحراق بعض المدرعات وتنسحب قوات الطمان ..
واسقط في يد القاده .. قبل أن يعلنوا أن جورباتشوف قد عاد ويلتسين في السلطه
ورفضت الوحدة الخاصة "ألفا" اقتحام البيت الأبيض. وفي هذه الظروف اصدر وزير الدفاع امرا بسحب القوات من موسكو.في 22 أغسطس عاد ميخائيل غورباتشوف رئيس الاتحاد السوفيتي من القرم فتم اعتقال أعضاء لجنة الدولة لحالة الطوارئ. واعلن في موسكو الحداد على الشهداء. كما اعلن يلتسين انه اتخذ قرارا بجعل العلم الأبيض- الأحمر - الأزرق علما للدولة الروسية.
وفي 23 أغسطس وقع يلتسين مرسوما آخر يقضي بوقف نشاط الحزب الشيوعي للاتحاد السوفيتي. وفي واقع الأمر فان الاحتجاج على اقصاء رئيس الاتحاد السوفيتي عن السلطة تحول إلى دعم استقلال روسيا الاتحادية برئاسة بوريس يلتسين، الذي كان قد انتخب في يونيو/حزيران رئيسا لروسيا الاتحادية. اما سيادة روسيا الاتحادية فكانت قد اعلنت في 12 يونيو عام 1990 خلال انعقاد المؤتمر الأول لنواب الشعب في جمهورية روسيا الاتحادية الفيدرالية الاشتراكية.
تم اعتقال أعضاء لجنة الدولة لحالة الطوارئ. وانتحر وزير الداخلية بوريس بوغو وتبعه مارشال الاتحاد السوفيتي سيرغي اخرومييف الذي عمل مستشارا لرئيس الاتحاد السوفيتي والذي أصبح تفكك الاتحاد السوفيتي بالنسبة له، شأنه شأن الكثير من المواطنين السوفيت، أصبح كارثة شخصية. لكن مجلس الدوما الروسي اتخذ في 23 فبراير/شباط عام 1994 قرارا بالعفو عن أعضاء لجنة الدولة لحالة الطوارئ والإفراج عنهم. لم يعترف أعضاء اللجنة بذنبهم إذ اعتبروا انهم عملوا للحفاظ على وحدة الدولة، وحاولوا الحيلولة دون تفككها. تم البدء بعملية تفكيك الاتحاد السوفيتي قبل ذلك بكثير، علما ان الجمهوريات الاتحادية الأولى كانت قد اعلنت سيادتها في عام 1988. لكن بعد 19 أغسطس عام 1991 بالذات شهدت البلاد إعلان الاستقلال للكيانات الجديدة بشكل جماعي. وفي 26 ديسمبر عام 1991 تم عقد الاتفاق بين رؤساء كل من روسيا وبيلوروسيا وأوكرانيا حول الانهاء الرسمي للاتحاد السوفي. وأصبحت كل جمهورياته جراء ذلك مستقلة.
المصدر :
موسوعة روسيا اليوم .
تعليقات
إرسال تعليق