راهبٌ أوغاستيني وعالمٌ نمساوي، ومؤسس علم الوراثة الحديث. وُلِد مندل بين عائلةٍ ناطقةٍ بالألمانية في الجزء السيليزي من الإمبراطورية النمساوية التي أصبحت الآن جزءًا من جمهورية التشيك. وضعت تجارب مندل على نبات البازلاء التي أجريت بين عامي 1856 و 1863 العديد من قواعد الوراثة ويشار إليها الآن باسم قوانين علم الوراثة المندلية.
تعامل مندل مع سبع صفاتٍ لنباتات البازلاء وهي: طول النبات، شكل ولون الثمرة، شكل ولون البذور، موقع ولون الزهرة. اعتمد مندل على لون البذرة كمثالٍ لنبات البازلاء وأوضح من خلاله أنه عندما هُجِّنت البازلاء الصفراء نقيّة السلالة والبازلاء الخضراء نقيّة السلالة فكانت نتيجة هذا التهجين سلالة ذات بذور صفراء دائمًا.
تُظهر نتيجة التهجين السابق وجود بازلاء خضراء في الجيل الثاني بمعدل واحدة خضراء مقابل 3 صفراء. فسّر مندل هذه الظاهرة عندما صاغ مصطلحي المتنحية و السائدة في إشارةٍ إلى صفاتٍ معينة، مما يعني أن الصفة الخضراء التي اختفت في الجيل الأول قد تنحّت وسادت مكانها الصفة الصفراء.
لم يُفصَح بأهمية عمل مندل حتى مطلع القرن العشرين (بعد أكثر من ثلاثة عقود من وقت ظهورها) مع إعادة اكتشاف قوانينه. تحقق كل من إريك فون تشيرماك، وهوغو دي فريس، وكارل كورينس، وويليام جاسبر سبيلمان بشكلٍ مستقل من العديد من النتائج التجريبية لمندل مستبشرين بالعصر الحديث لعلم الوراثة.
أُلهم مندل المعروف باسم "أبو علم الوراثة الحديثة" من قبل أساتذته في جامعتي بالاكو وأولوموك (فريدريش فرانز ويوهان كارل نيستلر) وزملاؤه في الدير (مثل فرانز ديبل) لدراسة الاختلاف في النباتات. بدأ مندل تجاربه على نباتات البازلاء الصالحة للأكل في عام 1856.
استقرّ مندل على دراسة الصفات السبعة التي بدت وكأنها متوارثة عن صفاتٍ أخرى بعد إجراء تجارب أوليةٍ على نباتات البازلاء؛ وركز أولاً على شكل البذور والذي كان إما زاويًا أو دائريًا. أجرى مندل دراساتٍ على 28000 نبتة كان قد زرعها ومعظمها من نبات البازلاء بين عامي 1856 و 1863.
أوضحت هذه الدراسات أنه عند تهجين الأنواع المختلفة النقية السلالة (النباتات الطويلة المخصبة مع النباتات القصيرة) تظهر في الجيل الثاني نباتاتٍ تمتاز فيها واحدة من أصل أربعة بصفة متنحية أصيلة، وواحدة أخرى بصفة سائدة، واثنان منها نباتات هجينة. أدت كل هذه الدراسات إلى وضع ما يٌعرف بقوانين الوراثة المندلية.
عمل الإحصائي وعالم الوراثة السكانية فيشر على إعادة بناء تجارب مندل وتحليل نتائج الجيل الثاني ووجد أن نسبة الأنماط السائدة إلى المتنحية (مثل البازلاء الخضراء مقابل الصفراء، والبازلاء المستديرة مقابل المجعّدة) قريبة من النسبة المتوقعة التي هي من 3 إلى 1.
اعتقد فيشر بوجود لغطٍ ما فيما يخص التوافق بين النتائج وتوقعات مندل وظنَّ بوجود نوعٍ من التزوير حيث أدى تحليله إلى ظهور مفارقة مندلية فمن ناحيةٍ ما لا يمكن الشك في صحة بيانات مندل الإحصائية لأنها صحيحة، ولا يمكن الشك في وجود أي احتيال متعمّد أو تغيير غير مقصود لملاحظاته.
أي صفة في الجسم ممثلة بزوج واحد من الجينات متقابلان على السلم الحلزوني DNA وذات مكان ثابت ومعين، ولكل جين شكلين يسمى كل منهما أليلاً. وهذا الأليل إما أن يكون ذا طبيعة غالبة (سائدة) أو مغلوبة (متنحية). ولا يشترط أن يكون جينا الصفة الواحدة من نفس الطبيعة فقد يكون أحدهما ذا طبيعةٍ سائدة والآخر متنحي، أو أن يكون كلاهما من طبيعة واحدة. لكي تظهر تلك الصفة في الجيل القادم يكفي أن يكون أحدهما ذا صفة سائدة ومن البدهي أن يكون تأثيره على عدد أكثر من الأبناء لو أن الجينين يحملان الصفة السائدة. أما أن الصفة المتنحية فلكي تظهر في الجيل القادم يجب أن يكون جيناها من النوع المتنحي. وبمعنى آخر أن جيناً واحداَ متنحياً لا يستطيع التعبير عن نفسه أو الظهور في الجيل القادم.
هناك في جسم الإنسان بعض الصفات التي هي دائماً سائدة مثل لون البشرة الأسود والقامة الطويلة ولون العين الأسود، فإذا كان أحد الأبوين أسود اللون وطويل القامة فإن نسبة هذه الصفات في الأطفال القادمين ستكون عالية لأنها صفات غالبة أما إذا كان الأبوان من الصفات الغالبة نفسها فسيكون كل الأبناء بالصفات نفسها ومثل آخر هو فصيلة الدم (RH) أي السالبة والموجبة فالجين المسؤول عن هذا العامل إما أن يكون غالباً أو مغلوباً والشخص الحامل لهذا العامل إما أن يكون أحد جينيه غالباً أو أن يكون الاثنان من النوع الغالب. الشخص الذي يكون فيه جينا هذا العامل من النوع المغلوب لا يحمل على كريات دمه الحمراء هذا العامل.
وضع مندل اثنين من القوانين الوراثية سمي القانون الأول بقانون مندل الأول (قانون انعزال الصفات)، والتي تتحدث عن انعزال الأليلين في جين الصفة الواحدة أثناء عملية الانقسام المنصف وتكوين الجاميتات. أما قانون مندل الثاني (قانون التوزيع الحر) والذي ينص على انفصال أليلي الصفة الوراثية وتوزعهما بصورة مستقلة عن أليلي الصفات الأخرى أثناء عملية الانقسام المنصف.
بعد الانتهاء من تجارب البازيلاء تحولت حياته وتجاربه نحو النحل، لتوسيع عمله انتج سلالة هجينة من النحل (مفرغة بحيث يتم تدميرها)، لكنها فشلت بسبب صعوبة تفسير سلوكيات تزاوج النحل، ووصف أيضا انواع نباتية جديدة، تم اضفت مندل إلى قائمة مختصرات أسماء علماء النبات
بعد أن ارتقى منصب رئيس الدير في عام 1868، عمله العلمي انتهى إلى حد كبير بسبب المسؤوليات الإدارية المتزايدة خصوصاً الصراع مع الحكومة المدنية التي كانت تفرض رسوم ضرائب على المؤسسات الدينية، في البداية أعمال مندل تم رفضها لكن بعد وفاته أصبحت مقبولة على نطاق واسع حيث كان معظم علماء الأحياء مهتمين بنظرية داروين الخلق التلقائي التي لم تكلل بالنجاح، وتم اكتشاف افكار مندل من عام 1930 إلى 1940 حيث تم توليف افكار مندل مع نظرية داروين.
مندل توفي يوم 6 يناير 1884، عن عمر يناهز 61 عاما، في مدينة برنو، مورافيا، النمسا المجر ، بعد معاناة من التهاب الكلية المزمن، لحن التشيكي ليوش ياناتشيك في جنازته واحرقت جميع اوراقه بعد وفاته.
المصادر
تاريخ علم النبات
غريغور يوهان مندل
تعليقات
إرسال تعليق